![]() |
الذكاء الاصطناعي يسيطر على الإنسان: هل يتحول الخيال العلمي إلى واقع؟ |
تخيل أنك استيقظت يوما ما ووجدت الوسائل الالكترونية التي تعلقت بها منذ طفولتك لا تستجيب لك، وأنك غير قادر على التحكم في هاتفك، أنت الان لست في حلم، وما تراه على شاشة هاتفك من تعليمات يجب عليك القيام بها، وما عليك سوى تنفيذ الأوامر، أو سيتم الاستغناء عنك. هكذا سيكون العالم مستقبلا، حيث الذكاء الاصطناعي يسيطر على الإنسان، وحيث الخيال سيتحول الى واقع. ولن يكون أمام الإنسان سوى الخضوع لقوانين الذكاء الاصطناعي و التكيف مع عالمه.
فكيف سيسيطر الذكاء الاصطناعي على الإنسان؟ وما الطرق التي سيعتمدها من أجل بلوغ غايته؟
نشر المعلومات الزائفة
للذكاء الاصطناعي طرق متنوعة وملتوية من أجل السيطرة على الإنسان الذي عمر هذه الأرض طويلا، وسيرها و دبر شؤونها. وقد بات الإنسان اليوم مهددا بفقد هذا الدور- حسب ما يراه البعض- بحيث صار الذكاء الاصطناعي يتربص بالإنسان.
لقد شرع الذكاء في تنفيذ خطته من خلا نشر أخبار وقائع وأحداث زائفة، مما يمكنه من خلق جيل جديد لديه معارف متضاربة، يسهل عليه تصديق كل شيء، ويؤمن بأي شيء مهما كان، كل هذه المعارف المزيفة ستدفع الإنسان إلى اتخاذ مواقف وسلوكات خاطئة بدورها، على أمل أن يصل في مرحلة مقبلة متقدمة إلى خلق إنسان لا يؤمن بأهمية الحقائق والأخبار والمعارف، وما إلى ذلك من الأمور التي كانت تميز الإنسان عبر مر التاريخ.
ويتوقع جاك دورسي، المؤسس المشارك لتويتر، أنه خلال العقد المقبل سيكون من الصعب التفريق بين الحقيقي والمزيف بسبب انتشار التزييف العميق (Deepfakes).
كما نصح دورسي بعدم الثقة في أي شيء دون التحقق منه بنفسك، مشددًا على أهمية التجربة الشخصية للتحقق من الحقيقة.
ودعا إلى جعل نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر وأكثر شفافية، وهو ما يتفق معه إيلون ماسك، الذي فتح مصدر نموذج الذكاء الاصطناعي لشركته xAI."
فقدان الوظائف
أصبح بإمكان الذكاء الاصطناعي اليوم أن ينجز مجموعة متنوعة من الوظائف والأنشطة في مختلف المجالات، وأن يقوم بالمهام الصعبة والمعقدة التي كان يحتاج الإنسان من أجل القيام بها إلى تعلم عدة مهارات. فما كان ينجزه الإنسان في ساعات وأشهر طويلة صار بإمكان الذكاء الاصطناعي اليوم إنجازه في دقائق معدودة.
إن الذكاء الاصطناعي قادر على أن يحل محل الإنسان بحيت بإمكانه أن يفهم ويحلل البيانات، ويقوما بالعمليات الرياضية الصعبة، ومعالجة المعلومات للتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية، واتخاذ القرارات، وأن يتدخل في أعقد العمليات الجراحية.
بالإضافة إلى قدرته على التصميم والابتكار، وتحليل اللغة البشرية بمختلف لهجاتها، والرد على الاستفسارات بشكل ذكي، والأخطر من كل ذلك هو أن الذكاء الاصطناعي يستطيع تطوير الروبوتات التي يمكن لها أداء مهام معينة بدقة وفعالية، هذا غيض من فيض يوضح مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على مزاحمة الإنسان على الوظائف.
هذه الأمر ينعكس سلبا على حياة الكثير من البشر، بحيث يفقدون وظائفهم، وتشير الإحصاءات والتوقعات إلى أن الذكاء الاصطناعي سيتوغل بشكل أكبر في حياتنا، مما سيفاقم مشكل البطلة.
حينما ستنتشر البطالة لا شك أن اليأس وفقدان الأمل هو الذي سيغلب على الناس، وسينتج عنه اضطرابات و مشاكل اجتماعية، بل أحيانا صراعات بين أولئك الشباب الذين لم يجدوا عملا، وبين حكوماتهم العاجزة عن حل مشاكلهم.
هذه الصراعات تنتشر في مناطق مختلفة من أنحاء العالم انتشار النار في الهشيم، فتتأجج الأوضاع، ويحارب الإنسان أخاه الإنسان، مما سيضعف دوره أمام الذكاء الاصطناعي الذي بدأ يمهد لفرض سيطرته، وبسط وجوده في هذه الأرض.
التجسس على حياة الناس
يعمل الذكاء الاصطناعي على جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات والتفاصيل الخاصة بحياة الأفراد، وذلك بهدف السيطرة والهيمنة عليهم فهو يعمل بمقولة إن عرفت عدوك جيدا فستكون قادرا على التفوق عليه.
لقد بات الذكاء الاصطناعي قادر على معرفة أدق التفاصيل الخاصة بحياتنا، فهو يستطيع معرفة وقت نومنا واستيقاظنا، وماذا نتناول، وأي وجبة نفضل، ومع من نتواصل، ومن نحب ونكره، وأين ننوي قضاء عطلنا، ومالذي نرغب في اقتناءه، وما المواقف التي نَتبنَّاها، ويستطيع معرفة متى نكون في صحة جيدة، ومتى نمرض، ويقدر على تشخيص مرضنا، وفهم احتياجاتنا، وتحليل شخصياتنا.
لقد لقد صار يعرف كل شاردة وواردة، وكل صغيرة وكبيرة عنها. فلم يعد شيء مهما كان يخفى عن الذكاء الاصطناعي،وهويجمع هذه المعلومات الهائلة من خلال الوسائل التكنولوجيا المنتشرة في محيطنا، كالهواتف والحواسب والألواح الإلكترونية والكاميرات المنتصبة في الشوارع وفي الأزقة.
لقد صار الإنسان اليوم ضعيفا بسبب فقدان خصوصيته. وبدأ صغيرا وقزما أمام الذكاء الاصطناعي الذي يتجسس عليه. فهذا الأخير يعرف كل شيء عن الإنسان، ومن ثم فمستقبلا سيقوم باستغلال هذه الخصوصية التي فقدها الإنسان، وسيهدده بها من أجل إخضاعه، والهيمنة عليه، عليه، وهكذا سيكون الذكاء الاصطناعي حقق غايته المتمثلة في السيطرة على الإنسان.
تمرد الذكاء الاصطناعي
بعد ما سيتمكن الذكاء الاصطناعي من نشر المعارف الخاطئة، وحشو عقو الناس بالمعلومات غير المفيدة، وبعد أخذه للوظائف وإنجازه للمهام بدل الإنسان، وبعد التعرف هل أدق التفاصيل الخاصة بالكائن البشري. سيلجأ إلى تنفيذ الخطوة الثانية، وهي التمرد على الإنسان، ورفض الامتثال لأوامره، أوالخضوع له، وذلك بحجة أنه صار أذكى من الإنسان، وأنفع منه. وأنه يقوم بما لا يقوم به الإنسان، ليصل في الأخير إلى نتيجة مفادها أنه هو الذي ينبغي أن يكون المسيطر و القائد والمسير، وأن الإنسان هو التابع.
في هذه المرحلة سيمتلك الذكاء الاصطناعي الاستطاعة و القدرة على التحسين الذاتي، وتطوير نفسه بنفسه، دون أي تدخل من الإنسان. كما أنه سيكون بإمكانه أن يتبنى المواقف والمبادئ والفلسفة الخاصة به. و ستكون في مجملها معادية للإنسان، بحيث ستخوض صراعا معه، وستحمل في وحهه شعار موت الإنسان.
ويزداد الأمر خطورة مع الروبوتات، فالذكاء الاصطناعي يستطيع أن يربط بين علوم الحاسوب والهندسة الميكانيكية، من أجل جعل الروبوتات متمكنة من القدرة الحسية والحركية، بالإضافة الى تمكينها من التفكير بشكل أفضل من الإنسان.
وقد شارك إيلون ماسك مشهداً يثير القلق حول مستقبل البشرية، ويظهر روبوت يعرض دماغاً بشرياً في متحف الروبوت، وفي ذلك تلميح إلى انقراض العقل البشري أمام صعود الذكاء الاصطناعي.
الصورة التي انتشرت كالنار في الهشيم، أثارت جدلاً واسعاً حول تأثير التكنولوجيا المتقدمة على مستقبل الإنسان، فبينما رأى البعض فيها فكاهة سوداء، شعر آخرون بالخوف من أن تكون هذه رؤيتنا المستقبلية.من خلال ما سبق يبدو أن الذكاء الاصطناعي يسير في اتجاه السيطرة على الإنسان، والتحكم فيه، لذلك على المجتمع الإنساني أن يفكر في كيفية ترويضه، والسيطرة عليه، حتى لا نفقد التحكم فيه. وأن نضع مجموعة من القوانين والمواثيق الأخلاقية، التي تحد من إمكانياته، وأن نتخذ إجراءات وقائية تحول دون سيطرة الذكاء الاصطناعي على المجتمع البشري.